“بـ لبن”.. من قصة نجاح إلى أزمة كبرى: التفاصيل الكاملة وراء غلق الفروع في المحافظات

 كيف وُلدت فكرة “بـ لبن”؟

في عام 2019، ومن قلب منطقة المهندسين بالقاهرة، انطلقت أولى خطوات سلسلة محلات “بـ لبن” على يد مؤسسها مؤمن عادل، الطبيب البيطري الذي غيّر مساره المهني كليًا ليخوض تجربة ريادية في عالم صناعة الأغذية والمشروبات.

بفكرة تقوم على تقديم منتجات ألبان وحلويات مبتكرة، بأسلوب عصري وجودة مرتفعة، سرعان ما تحولت “بـ لبن” إلى واحدة من أبرز سلاسل الأطعمة في السوق المصري. خلال أقل من 6 سنوات، توسعت السلسلة إلى أكثر من 110 فرعًا في مصر، إلى جانب تواجدها في 9 دول عربية، محققة انتشارًا لافتًا ومكانة مرموقة بين المستهلكين، خاصة الشباب.

تحوُّل مفاجئ: من التوسع إلى الانهيار

رغم الصعود الصاروخي، بدأت ملامح التدهور تظهر في 2025، لتشهد الشركة سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي لم تترك مجالًا للمناورة. البداية كانت من شكاوى المواطنين بشأن سلامة وجودة المنتجات، ثم جاءت حملات التفتيش التي نفذتها الهيئة القومية لسلامة الغذاء لتكشف خفايا صادمة.

هيئة سلامة الغذاء: مخالفات خطيرة في “بـ لبن” و”كرم الشام”

في منتصف أبريل 2025، أطلقت الهيئة حملة رقابية مكثفة شملت عشرات المنشآت الغذائية، من بينها سلاسل شهيرة مثل “بـ لبن“، و”كرم الشام”، و”عم شلتت”، و”كنافة وبسبوسة”.

النتائج؟

• استخدام مواد خام غير صالحة للاستهلاك الآدمي.
• سوء في التخزين ودرجات حرارة غير مناسبة.
• تلوث ميكروبي مرتفع في بعض المنتجات.
• انعدام النظافة العامة في عدة فروع.

تلك المخالفات دفعت الهيئة لإصدار قرارات إغلاق مؤقت لعدد كبير من الفروع، ومصادرة منتجات، وتوجيه إنذارات رسمية بإلزام المنشآت بمعايير الصحة وسلامة الغذاء.

غلق فروع في المحافظات الكارثة تتسع

في محافظة الغربية، قرر اللواء أشرف الجندي إغلاق 5 فروع في طنطا والمحلة الكبرى.
في بورسعيد، أُغلقت عدة فروع لعدم استكمال التراخيص.
وفي الجيزة، تم غلق 12 فرعًا في مناطق متفرقة مثل العجوزة، إمبابة، 6 أكتوبر، والشيخ زايد بسبب مخالفات متعلقة بالتراخيص والسلامة الصحية.

قرارات الإغلاق التي شملت مختلف المحافظات المصرية كشفت عن ضعف واضح في البنية التنظيمية والإدارية للسلسلة، وألقت بظلالها الثقيلة على صورة “بـ لبن” في أعين المستهلكين.

إعلان رمضان المسيء أزمة إعلامية وقانونية

كما لم تسلم “بـ لبن” من عاصفة الإعلانات. ففي مارس 2025، أطلق إعلان رمضاني أثار موجة غضب، بعد أن اعتُبر مسيئًا للعلامة التجارية العريقة “حلواني العبد” ولمؤسسها الراحل.

جهاز حماية المستهلك والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تدخلا سريعًا، حيث تم:

• وقف بث الإعلان.
• استدعاء ممثل الشركة والوكالة الإعلانية المنفذة.
• توجيه اتهامات تتعلق بمخالفة قواعد المنافسة الشريفة والإساءة لرموز الصناعة الوطنية.

“بـ لبن” تستغيث بالرئيس السيسي

في 18 أبريل 2025، أصدرت إدارة “بـ لبن” بيانًا رسميًا أعلنت فيه توقف نشاطها بالكامل داخل مصر، بما في ذلك إغلاق المصانع والكيانات المرتبطة، وناشدت الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لإنقاذ “مشروع وطني ناجح”، على حد وصفها.

البيان أشار إلى:

• توقف العمليات التشغيلية.
• تعطل سلاسل الإمداد والتصدير.
• خطر فقدان نحو 25 ألف موظف لوظائفهم.
• غياب تفسير واضح من الجهات المعنية حول سبب الأزمة.

وأكدت الشركة استعدادها الكامل لأي مراجعة أو محاسبة، مطالبة بفرصة لإعادة ضبط أوضاعها.

هل “بـ لبن” عضو في غرفة تجارية؟

حتى الآن، لا تتوافر معلومات مؤكدة حول عضوية مؤسس “بـ لبن” أو الشركة نفسها في أي من الغرف التجارية المصرية. الانضمام لهذه الغرف ليس إلزاميًا، لكن غالبًا ما يوفّر مظلة قانونية ودعم في مثل هذه الأزمات.

من صعود الأمل إلى تعثُّر الواقع

قصة “بـ لبن” تختصر تحديات ريادة الأعمال في السوق المصري:

• نجاح سريع قائم على فكرة مبتكرة.
• توسع إقليمي كبير في وقت قياسي.
• ضعف إداري وتقني في مواجهة النمو المفاجئ.
• أزمات قانونية وإعلامية أطاحت بالثقة المكتسبة.

 ما الذي ينتظر “بـ لبن”؟

مع إغلاق الفروع وتوقف النشاط، تبدو “بـ لبن” في مفترق طرق. فإما إعادة هيكلة كاملة، وإما اختفاء تدريجي من السوق. وبالرغم من كل ما جرى، تبقى قصتها نموذجًا ملهمًا عن الطموح، ومثالًا واقعيًا عن ضرورة الإدارة الصلبة والالتزام بالمعايير لضمان الاستمرار.